جامع البيان في تأويل القرآن - ابن جرير الطبري -
310 (1 / 166)
الإشكال:
هل معنى طلب الهداية في قوله:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} التوفيق والثبات، أم زيادة الهداية؟
الجواب:
أي: وَفِّقْنا للثبات عليه.
وقد زعم بعضهم أن تأويل قوله:{اهْدِنَا}: زدْنا هداية.
وليس يخلُو هذا القولُ من أحد أمرين:
إما أن يكون ظنَّ قائلُه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أُمِر بمسألة الزيادة في البيان، أو الزيادة في المعونة والتوفيق.
فإن كان ظن أنه أُمِر بمسألة رَبِّه الزيادة في البيان، فذلك ما لا وجه له.
أو يكون ظنّ أنه أمِر بمسألة ربه الزيادةَ في المعونة والتوفيق.
فإن كان ذلك كذلك، فلن تخلوَ مسألتُه تلك الزيادةَ من أن تكون:
مسألةً للزيادة في المعونة على ما قد مضى من عمله، أو على ما يحدُث.
وفي ارتفاع حاجةِ العبد إلى المعونة على ما قد تقضَّى من عمله، ما يُعلم أنّ معنى مسألة تلك الزيادة إنما هو مسألتُه الزيادةَ لما يحدث من عمله.
وإذْ كانَ ذلك كذلك، صارَ الأمر إلى ما وصفنا وقلنا في ذلك: من أنه مسألة العبد ربَّه التوفيقَ لأداء ما كُلِّف من فرائضه، فيما يَستقبل من عُمُره.
معاني القرآن وإعرابه - الزجاج -
311 (1 / 49)
الإشكال:
ما معنى طلب الهداية، مع أنهم مهتدون؟
الجواب:
ومعنى: {اهْدِنَا} وهم مهتدون: ثَبِّتْنا على الْهُدَى.
كما تقول للرجل القائم: قُمْ لي حتى أعود إليك.
تعني: اثبُت لي على ما أنت عليه.
تأويلات أهل السنة - أبو منصور الماتريدي -
333 (1 / 366)
الإشكال:
ما معنى الهداية في قوله تعالى: :{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؟ وما تأويل طلب الهداية ممن قد هداه الله عز وجل؟
الجواب:
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "أَرْشِدنا".
ثم تأويل طَلَب الهِدَاية، ممن قد هداه الله يتوجه وجهين:
أحدهما:
طَلَب الثَبَات على ما هَداه الله، وعلى هذا معنى زيادات الإيمان، أنها بمعنى الثَبَات عليه.
ووجه آخر:
على أن في كل حال يخاف على المرء ضد الهُدَى، فيَهْديه مكانه أبدًا، فيكون له حكم الاهتداء؛ إذ في كل وقت إيمان منه دفع به ضده.
بحر العلوم - السمرقندي -
373 (1 / 18)
الإشكال:
فإن قيل: أليس هو الطريق المستقيم؟ وهو الإسلام فما معنى السؤال؟
الجواب:
قيل له: الصراط المستقيم، هو الذي ينتهي بصاحبه إلى المقصود. فإنما يَسْأل العبد ربه أن يُرْشِده إلى الثَبَات على الطريق الذي ينتهي به إلى المقصود، ويعْصمه من السُبُل المتفرقة.
الكشف والبيان عن تفسير القرآن - الثعلبي -
427 (1 / 118)
الإشكال:
ما معنى الهداية في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؟
الجواب:
قال علي بن أبي طالب وأُبَيّ بن كعب: "أَرْشَدتَنا".
فهذا كما يقال للرجل الذي يأكل: كل، والذي يقرأ: اقرأ، وللقائم: قُمْ لي حتّى أَعُود لك، أي: دُم على ما أنت عليه.
الهداية إلى بلوغ النهاية - مكي بن أبي طالب -
437 (1 / 109)
الإشكال:
ما معنى طلب المؤمنين الهداية في {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؟
الجواب:
قال علي بن أبي طالب وأُبَيّ بن كعب: "أَرْشَدتَنا".
المعنى:
ثَبِّتْنا؛ لأنهم كانوا مُهْتَدين، وإنما هو رغبة إلى الله أن يُثبِّتَنا على ذلك، حتى يأتي الموت ونحن عليه.
وقيل معناه:
أَلْهِمْنا الثبات على الصراط المستقيم، وهو دين الإسلام، وهو مروي عن ابن عباس.
لطائف الإشارات - القشيري -
465 (1 / 49)
الإشكال:
ما معنى طلب المؤمنين الهداية في {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؟
الجواب:
الهِدَاية: الإرشاد.
والأمر في هذه الآية مُضْمِر، فمعنا: اهْدِنَا بك -والمؤمنون على الهِدَاية في الحال- فمعنى السؤال: الاستدامة والاستزادة.
تفسير القرآن - أبو المظفر السمعاني -
489 (1 / 38)
الإشكال:
فإن قال قائل: الهداية بمعنى الاسترشاد، وكل مؤمن مهتد، فما معنى قوله {اهْدِنَا}؟
الجواب:
قلنا: هذا سُؤال من يقول بتناهي الألطاف من الله تعالى. ومذهب أهل السنة أن الألطاف والهدايات من الله تعالى لا تتناهى، فيكون ذلك بمعنى طَلب مزيد الهِداية، ويكون بمعنى سؤال للتَثْبِيت، {اهْدِنَا}: بمعنى ثَبِّتْنا، كما يقال للقائم: " قُمْ حتى أَعُود إليك ". أي: اثبُت قائمًا.
معالم التنزيل في تفسير القرآن - البغوي -
510 (1 / 75)
الإشكال:
ما معنى الهداية في {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؟ وما معنى طلب الهداية، مع أنهم مهتدون؟
الجواب:
{اهْدِنَا}: أَرشِدنَا.
وقال أُبَيّ بن كعب: ثَبِّتْنا، كما يُقال للقائم: قُمْ حتى أَعُود إليك، أي: دُم على ما أنت عليه.
وهذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم على الهِداية، بمعنى: التَّثْبِيت، وبمعنى: طَلَب مزِيد الهِدَاية؛ لأن الألطاف والهدايات من الله تعالى لا تتناهى على مذهب أهل السنة.
الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل - جار الله الزمخشري -
538 (1 / 15)
الإشكال:
ما معنى طلب الهداية، مع أنهم مهتدون؟
الجواب:
ومعنى طَلَب الهِداية -وهم مهتدون-: طَلَب زِيادة الهُدَى بمنح الألطاف، كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]. وعن عَلِي وأُبَيّ رضى اللَّه عنهما: "{اهْدِنَا}: ثَبِّتْنَا"، وصيغة الأمر والدعاء واحدة؛ لأنّ كل واحد منهما طَلَب، وإنما يتفاوتان في الرتبة.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز - ابن عطية الأندلسي -
542 (1 / 74)
الإشكال:
ما معنى الهداية في قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}؟
الجواب:
هذا الدعاء إنما أُمِر به المؤمنون وعندهم المعتقدات وعند كل واحد بعض الأعمال، فمعنى قولهم: {اهْدِنَا} فيما هو حاصل عندهم طلب التَّثبِيت والدَّوام، وفيما ليس بحاصل إما من جهة الجهل به أو التقصير في المحافظة عليه طلب الإرشاد إليه. وأقول إن كل داع به فإنما يريد الصِّراط بكماله في أقواله وأفعاله ومعتقداته، فيَحْسُن على هذا أن يدعو في الصراط على الكمال من عنده بعضه، ولا يتجه أن يراد بـ {اهْدِنَا} في هذه الآية: اخلُق الإيمان في قلوبنا؛ لأنها هِداية مُقيَّدة إلى صراط، ولا أن يراد بها: ادعُنا.
باهر البرهان في معانى مشكلات القرآن - بيان الحق -
553 (1 / 10)
الإشكال:
لم سُئلت الهداية، وهي حاصلة لهم؟
الجواب:
وإنما سُئِلت الهِداية وهي حاصلة، للتَّثبِيت عليها في المستقبل من العمر، وقِيل: إنه سؤال الهِداية إلى طريق الجنة في الآخرة فكأنه استنجاز لما وُعِدنَا في قوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16] أي: سُبُل دار السلام، وقِيل: إنه لما كانت بإزاء كل دلالة شُبهة حَسُن من المُهتَدِي سؤال الهِداية التي تزاح بها عن القلب الشبهات، وعن على رضي الله عنه: "أنَّ الصِّرَاط المستقيم هُنا كتاب الله" فيكون سؤال الهِداية لحِفْظه وتبْيِن معانيه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الصِّراط المستقيم سُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين من بعْدِي" فيَحسُن طَلَب الهِداية إلى جميع مناهج السُنَّة ممن قد هُدي بالإيمان.
زاد المسير في علم التفسير - ابن الجوزي -
597 (1 / 21)
الإشكال:
فان قيل: ما معنى سؤال المسلمين الهداية وهم مهتدون؟
الجواب:
فعنه ثلاثة أجوبة:
أحدها:
أن المعنى: {اهْدِنَا} لزوم الصِّراط، فحذف اللزوم. قاله ابن الأنباري.
والثاني:
أن المعنى: ثَبِّتْنَا على الهُدى، تقول العرب للقائم: قُمْ حتى آتيك، أي: اثْبُت على حَالِك.
والثالث:
أن المعنى: زِدنَا هِداية.
مفاتيح الغيب، التفسير الكبير - فخر الدين الرازي -
606 (1 / 217-219)
الإشكال:
لقائل أن يقول: المصلي لابدَّ وأن يكون مؤمنًا، وكل مؤمن مهتد، فالمصلي مهتد، فإذا قال: {اهْدِنَا} كان جاريًا مجرى أن من حصلت له الهداية فإنه يطلب الهداية، فكان هذا طلبًا لتحصيل الحاصل، وإنه محال؟
الجواب:
العلماء أجابوا عنه من وجوه:
الأول:
المراد منه صِراط الأَوَّلِين في تَحمل المشاق العظيمة؛ لأجل مرضاة الله تعالى. يحكى أن نوحًا عليه السلام كان يُضرب في كل يوم كذا مرات، بحَيْث يُغشى عليه، وكان يقول في كل مرة: "اللهم اهْدِ قَومِي فإنهم لا يعلمون".
الوجه الثاني:
في الجواب: أن العلماء بيّنوا أن في كل خُلِق من الأخلاق طَرَفي: تفريط وإفراط، وهما مذمومان، والحق هو الوَسَط، ويتأكد ذلك بقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] وذلك الوَسَط هو العَدْل والصواب، فالمؤمن بعد أن عَرِف الله بالدليل صار مُؤمنًا مُهْتَدِيًا، أما بعد حصول هذه الحالة فلا بدَّ من معرفة العَدْل الذي هو الخط المتوسط بين طَرَفي: الإفراط والتفريط في الأعمال الشهوانية، وفي الأعمال الغَضَبية، وفي كيفية إنفاق المال، فالمؤمن يَطْلُب من الله تعالى أن يَهْدِيَه إلى الصراط المستقيم الذي هو الوسط بين طرفي الإفراط والتفريط في كل الأخلاق وفي كل الأعمال، وعلى هذا التفسير فالسؤال زائل.
الوجه الثالث:
أن المؤمن إذا عَرِف الله بدليل واحد فلا موجود من أقسام الممكنات إلا وفيه دلائل على وجود الله وعِلْمه وقُدْرَته وجُودِه ورحمته وحكمته، وربما صح دين الإنسان بالدليل الواحد وبقي غافلًا عن سائر الدلائل، فقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} معناه: عرِّفْنا يا إلَهَنَا ما في كل شيء من كيفية دلالته على ذاتك وصفاتك وقدرتك وعلمك، وعلى هذا التقدير فالسؤال زائل.
الوجه الرابع:
كأن الإنسان يقول في الطريق: كَثرة الأحباب يجُرُّونني إلى طريق، والأعداء إلى طريق ثان، والشيطان إلى طريق ثالث، وكذا القول في الشهوة والغضب والحقد والحسد، وكذا القول في التعطيل والتشبيه والجَبْر والقَدَر والإرْجَاء والوعيد والرفض والخروج، والعقل ضعيف، والعمر قصير، والصناعة طويلة، والتجربة خطرة، والقضاء عسير، وقد تحيَّرتُ في الكل فاهْدِنِي إلى طريق أخرج منه إلى الجنة.
الوجه الخامس:
قال بعضهم: الصِّراط المستقيم: الإسلام، وقال بعضهم: القرآن، وهذا لا يصح؛ لأن قوله: صراط الذين أنعمت عليهم بدل من الصراط المستقيم، وإذا كان كذلك كان التقدير: "اهْدِنَا صِراط من أنعمت عليهم من المتقدمين، ومن تَقَدَّمَنَا من الأُمم ما كان لهم القرآن والإسلام"، وإذا بطل ذلك ثَبَت أن المراد: اهْدِنَا صِراط المُحِقِّين المُسْتَحقِّين للجنة.
أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل - زين الدين الحنفي الرازي -
666 (ص: 2)
الإشكال:
فإن قيل: المراد بالصراط المستقيم الإسلام أو القرآن أو طريق الجنة والمؤمنون مُهْتَدُون إلى ذلك، فما معنى قولهم: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} وأنه تحصيل الحاصل؟
الجواب:
قلنا: ثَبِّتْنَا عليه وأَدِمْنَا على سلوكه، خوفًا من سوء الخاتمة، كما تقول العرب للواقف: قِفْ حتى آتيك، معناه: دُمْ على وقوفك واثْبُت عليه. أو معناه: طَلَب زيادة الهُدَى كما قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17]، وقال: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [محمد: 17].